أساسيات القراءة وعسر القراءة في اللغة العربية
بقلم: فريق أصل
نعرض في هذه الورقة القصيرة ملخصا لنتائج البحوث العربية والعالمية فيما يتعلق بالمهارات الأساسية المكونة لمهارة القراءة والكتابة في بداية تطورها لدى الأطفال وذلك لتكون موضوع التركيز في التدريس سواء في المدرسة أو في البيت كما نخصص في الجزء الثاني من الورقة حيزا لنلخص أهم المشكلات التي تظهر عند الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة وأهم طرائق التعامل معها لمساعدة الطالب على التعلّم. ولأن الورقة موجهة بالأساس لأولياء الأمور والقارئ غير المختص فإننا لن نسهب في التفاصيل وجرد المراجع.
أساسيات القراءة في مراحل التعلم الأولى
لابد في البداية أن نذكر أن مهارتي القراءة والكتابة (من إملاء وتعبير) مهارتان مترابطتان وأي قصور في واحدة يؤثر على الأخرى وإن كانت مهارة القراءة أسبق وربما أسهل في التعلم. في السنوات الأولى من مسار تعلم القراءة والكتابة يحتاج الطفل إلى تعلّم مجموعة من المهارات ليتعلم القراءة. وأهم هذه المهارات مهارتا فك الشيفرة وفهم المقروء. أما فك الشيفرة فهي القدرة على تهجئة الحروف أي الرموز المكتوبة وتحويلها إلى أصوات وكلمات وجمل منطوقة وأما المهارة الثانية المرتبطة بفك الشيفرة والمعتمدة عليها هي الفهم أي القدرة على ربط أصوات الكلمات بالمعجم الذهني أي تعرف معاني الكلمات ومن ثم تعرف معاني الجمل بالاستعانة بمهارات أخرى منها القدرة على تعرف الروابط النحوية والدلالية والمعارف المسبقة بالعالم وفيما يلي نعرف هاتين المهارتين من خلال التفصيل في المهارات الفرعية التي تتأسس عليها.
فك الشيفرة
حتى نتمكن من فهم أي نص مكتوب لا بد أولا من فك رموزه أي القدرة على تحويل الرموز وهي الحروف والحركات وعلامات الترقيم إلى الأصوات التي تقابلها سواء كان ذلك في القراءة الجهرية أو الصامتة ومن ثم ربطها بالمعاني المتعارف عليها والتي نتعلمها عند تعلّم اللغة. وفي بعض الأحوال عندما تكون رموز الكلمة مألوفة جدّا مثل كلمة (و) أو كلمة (لا) فإننا نتعرف عليها بسرعة فائقة وربما لا نمر عبر تعرف الأصوات ونصل مباشرة إلى معنى الكلمة. وبما أن مهارة فك الشيفرة هي مهارة ترتكز على معرفة بأصوات الكلمة فإن من أهم مهارات فك الشيفرة الفرعية المهمة الوعي الصوتي وهو الوعي بالكلمات والمقاطع والوحدات الصوتية (الفونيم) أي أجزاء الكلام التي تقابل الكتابة والقدرة على تفكيكها وتركيبها وهي مهارة نستخدمها بصفة تلقائية ولكننا لا ندركها بشكل واع في أغلب الأوقات وبخاصة الأصوات الصغرى التي لا يمكن نطقها بصفة منفصلة والتي تقابل الحروف والحركات، فنحن نستطيع نطق مقطع مثل (مي) ولكننا لا نستطيع نطق صوت الميم بمفردها دون الحركة بصفة طبيعية. ومن المهارات الفرعية الأساسية الأخرى هي القدرة على تعرف رموز الكتابة من حروف وحركات وقواعد إملائية وربطها بالأصوات التي ذكرنا. ومن المهارات الأخرى التي لا بد أن يتقنها المتعلم هي الطلاقة في ربط الرموز البصرية أي الحروف والرموز الأخرى والأصوات بدقة وسرعة. فإذا قَلّت الدقة والسرعة فإن القارئ ينسى الكلمة التي فك شيفرتها قبل الانتقال إلى الكلمة الموالية ولن يفهم ما يقرأ، وهذا يحيلنا إلى مهارة القراءة الأساسية الثانية وهي فهم المقروء.
الفهم
فهم المقروء هو الوصول إلى معاني النص بعد تعرف الكلمات في الجمل وتحتاج هذه المهارة التي هي الهدف من القراءة بالإضافة إلى مهارات فك الشيفرة التي تحدثنا عنها في بداية الورقة إلى مهارات فرعية أولها فهم المفردات، أي لا بد لأي قارئ أن يكون ملّما بقدر كاف من المفردات وإلا فلا فائدة لفك الشيفرة ، فيصبح كمن يقرأ نصا في لغة غير لغته، كما يحتاج القارئ أن يدرك معاني الكلمات في سياقات متعدّدة وميادين شتّى وأن يعرف الترادف والتضاد والحقيقة والمجاز وربط الكلمات في حقل دلالي مشترك. كما تشمل معرفة المفردات المعرفة بالصرف أي أن الكلمات تشتق من بعضها وتٌصرّف للتعبير على أزمنة مختلفة و من المهارات الفرعية الأساسية للفهم هي مهارات فهم النص العليا ومنها معرفة التراكيب وكيفية بناء الجمل وأيضا المعارف المسبقة بأنواع النصوص والمحتوى عامة مثل معرفتنا بالعالم المحيط بنا ومهارات التفكير مثل الاستنتاج.
عسر القراءة وطريقة التعامل معه
يمكن تلخيص عسر القراءة في نوعين أساسين أحدهما يتمثل في قصور شديد في المكون الأساسي الأول للقراءة وهو فك الشيفرة وهو ما يعرف بعسر القراءة التقليدي وأما النوع الثاني فيكون سببه الأساسي مشكلة في الفهم أساسها قصور في اللغة عادة ما توجد من يعانون تأخرا لغويا. و من مظاهر عسر القراءة التقليدي (مشكلة في فك الشيفرة) صعوبات في تعرف الكلمات بدقة و/أو بسرعة وضعف في المهارات الإملائية مقارنة بالأقران في محيط تعليمي عادي. وأما النوع الثاني الذي (عسر القراءة : قصور في الفهم) فإن من أهم مظاهره صعوبات في فهم المفردات ومعالجة التراكيب المعقدة وبالتالي صعوبات في فهم النصوص (صعوبة الفهم أيضا في النص المسموع).
التدخل العلاجي
ولأن صعوبات القراءة مختلفة كان لابد أن يكون العلاج موائما لاحتياجات كل طالب. فبالنسبة لمن يعاني صعوبة قراءة في فك الشيفرة لا بد أن يدرّس الطالب القراءة والإملاء إلى حد الطلاقة وذلك بتعليمه أساسيات القراءة والكتابة أي الوعي الصوتي وفك الشيفرة مع مراعاة مشكلاته في التنظيم والذاكرة (إذا لم توجد أعراض متداخلة أخرى). أما من يعاني صعوبة في الفهم فلا بد من التركيز معه على اكتساب المفردات والتمرس على التراكيب النحوية وتدريسه استراتيجيات الفهم من قبيل معرفة أنماط النصوص. و في كل الحالات لا بد أن يكون التدريس مبنيا على تشخيص احتياجات الطالب وأن يكون تراكميّا ومُنظّما كما يجب أن يكون مكثفا مع المراجعة المستمرة وأن يتقن الطالب المهارة التي يدرسها قبل الانتقال إلى المهارة الأعلى.
ومن الطرق العلاجية المعتمدة عالميا في تدريس من يعانون عسر القراءة التقليدي طريقة أورتن غيلنهام وهي تعتمد على التدريس بالطريقة الجزئية البنائية أي تدريس الحروف وأصواتها ومن ثم الكلمات وقد طورت برامج علاجية عربية مثل برنامج أنا أقرأ وأكتب! من إنتاج مركز تقويم وتعليم الطفل بالكويت.
أضف تعليقك